لوموند: بعد سقوط البشير.. الارتباك يسود السودان

تساءلت لوموند الفرنسية عن الأوضاع في السودان بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير: هل بدأت البلاد في التحول أم أنها لا تزال غارقة في صراع داخلي لتحديد الطرف الذي سيحكم البلد؟
ونشرت الصحيفة مقالا للكاتب جان فيليب ريمي يقول فيه إن الأوضاع ما زالت حتى هذا اليوم مفتوحة على جميع الاحتمالات، وذلك بشأن ما سيؤدي إليه تأثير الجنرالات الذين صعدوا إلى السلطة بعد رحيل البشير.

فالمجلس الحاكم الذي تم تكوينه على عجل من عشرة جنرالات لا يزال في مواجهة ضغوط الشارع -يقول الكاتب- غير أن قائده الحالي عبد الفتاح البرهان يجد متنفسا لعدم معرفة الشعب به، خلافا لسابقه وزير الدفاع عوض بن عوف الذي استقال بعد يوم واحد وأحيل إلى التقاعد تحت ضغط الشارع لصلته الوثيقة بنظام البشير.
ويشير إلى أن المجلس العسكري يتشاور مع القوى السياسية منذ السبت الماضي، لتحديد الشكل الدستوري الذي يجب أن تكون عليه الفترة الانتقالية، محاولا في نفس الوقت تحييد جهاز المخابرات.
لنوايا الحقيقية ويستدرك الكاتب بأن الجنرالات عازمون على استبقاء السلطة، في الوقت الذي يوافقون فيه على تعيين حكومة مدنية تحت قيادة رئيس وزراء معين، لكن إعلان الحرية والتغيير يطالب بأن يحكم السودان رئيس مدني.
ويضيف أن المشاورات -التي جرت الأحد بين المجلس والأحزاب المقربة من النظام السابق- أربكت الوضع، خاصة أنها قدمت عدة مرشحين لمنصب رئيس الوزراء.
وقال الكاتب إن مشاورة أحزاب النظام مثلت عقبة أولى من الصعب تجاوزها، خاصة أن نوايا الجيش ما تزال محاطة بالشكوك، باعتبار أن قادته -حسب سليمان بلدو العامل بإحدى المنظمات الحقوقية- وصلوا مراكز القيادة بولائهم للنظام السابق، وهم اليوم على منعطف يضعهم أمام خيارات حاسمة: إما الإبقاء على النظام القديم بشكل جديد، وإما تفكيكه بصورة كاملة.

المخابرات.. الانتهاكات
وقد قدم "إعلان الحرية والتغيير" في وقت سابق خطة من تسع نقاط لإحداث قطيعة كاملة مع الماضي -كما يشير الكاتب- وأنه سيتم التفاوض عليها الأيام المقبلة.
ويضيف المقال أن المجلس العسكري بدأ -تحت ضغط الشارع وتجمع المهنيين وحلفائهم- بعملية حذرة لتفكيك نظام البشير، إذ تم حجز ممتلكات حزب المؤتمر الوطني الحاكم سابقا، كما بدأ بإجراءات إطلاق المتظاهرين والنشطاء الذين كانت تعج بهم السجون والمعتقلات السرية.

ويشير إلى أن الجيش سيطر على بعض المنشآت الرئيسية لأجهزة الأمن والمخابرات، غير أنه يرى أن كل ذلك لا يعني قطيعة كلية مع النظام السابق، حتى وإن ترافق ذلك مع إقالة وزير الدفاع ورفيقه المقرب صلاح غوش الذي كان على رأس مؤسسة المخابرات التي كانت تستحوذ على معظم ممتلكات الدولة والمسؤولة عن كل انتهاكات حقوق الإنسان والقمع.

وقد تم توجيه غضب الشعب إلى جهاز الأمن والمخابرات الوطني -والكلام مازال للكاتب- وأن أهالي دارفور استهدفوا معذبيهم ومكاتبهم في عدة مدن، ومن بينهم رئيس الإدارة خلال مرحلة العنف هناك الجنرال البرهان الذي يرأس المجلس العسكري الآن، والذي لم يتمتع بشهرة محمد حمدان دغلو المعروف بحميدتي الذي حل محل زعيم الجنجويد السابق موسى هلال.

وختم المقال بالقول إن حميدتي يحتل المرتبة الثانية بالمجلس العسكري وإنه بدأ دوره الجديد باستقبال القائم بالأعمال الأميركي، مشيرا إلى أن الرجلين اللذين يرأسان المجلس العسكري قد تعرف كل منهما على الآخر في دارفور.
المصدر : الجزيرة,لوموند

تعليقات