لا أرغب ان تمر مرور الكرام تلك المناسبة التي نظمها الاتحاد العام
للصحفيين السودانيين يوم الخميس الماضي ٣ مايو احتفالاً باليوم العالمي
لحرية الصحافة رغم توثيقها وتسجيلها في سجل هذه الدورة للاتحاد المختلفة
كلياً ، او ان يذهب صداها في التلاشي رغم التناول والتغطية الجيدة المستحقة
التي حظيت بها ..
كان مقدراً عالياً تشريف رئاسة الدولة
للمناسبة ممثلا في حضور ومخاطبة مساعد رئيس الجمهورية د.فيصل حسن ابراهيم
للإحتفال ودلالة هذا التشريف هو تأكيد رسوخ السلطة الرابعة في إطار منظومة
الدولة السودانية إستحقاقاً بالدستور ، واهتداءاً بالقانون المنظم للمهنة
الذي وجه رئيس الوزراء القومي في شأن تعديله مؤخراً بعدم عرضه علي أجهزة
الدولة للإجازة الا بعد ان يتم التوافق عليه من كافة مكونات المجتمع الصحفي
..
اليونسكو هي صاحبة التوصية لدي الامم المتحدة باعتماد
الثالث من مايو يوما لحرية الصحافة الذي جاء افريقيا بعد تجمع الصحفيين
الافارقة في نامبيا ١٩٩١ واعتماد إعلان ويندهوك ، تأتي مشاركتها في
الاحتفال ومخاطبة مدير مكتبها بالخرطوم وحضور عدد من سفراء الدول الشقيقة
مشيرة الي الإهتمام الخارجي الكبير بحيوية وفاعلية الصحافة السودانية إن
كان من قبيل الرصد والتقويم والشراكات او ربما لاعتبارها إحدي أهم مصادر
التقارير والمعلومات عن السودان .. لكن الذي لا شك فيه ان قيادة اتحاد
الصحفيين وأركانه انتزعوا عن جدارة واستحقاق مواقعهم المتقدمة في تنظيمات
الصحفيين الدولية والإقليمية ، ومظهر الوجود الدبلوماسي والأجنبي في
مناسباتهم انعكاس طبيعي لحراكه الخارجي الفعّال..
الصحافة
توجه في بعض الأحيان انتقادات لاذعة للحكومة بل في جزء منها قاسية جداً لكن
ظننا انها لا تخون الوطن - كانت تلك احدي عبارات وزير الدولة للاعلام
اثناء مخاطبته للاحتفال بيوم حرية الصحافة - وهو بذلك يعبر بلسان الحكومة
عن الوعي العميق والإدراك الكامل لأدوار وطرائق وأساليب الصحافة في آداء
مهمتها ، ومهاراتها وتكتيكاتها للفت الإنتباه والتنافس في تحقيق الانتشار ،
بجانب ذلك بني سياجاً من الظن الحسن يعصمها من الوقوع في خيانة الوطن
والمساس بأمانه الإجتماعي والإقتصادي وأمنه القومي ..
احسب
ان هذا اليوم جاء علي دول إقليمنا ومنطقتنا يختلف بكل دوله عن الاخري
باختلاف واقعها في مجال الحريات الصحفية ، وأزعم ان لنا كسباً مقدراً في
البيئة والحريات الصحفية واجب الحفاظ عليه وتطويره بالحوار الدائم والمتصل
بين كل السلطات ..
بالطبع ان البيئة الحرة المسئولة هي
التي توجد حالة الايجابية والتحفيز في مسيرة نهضة الوطن ، فأسلوب النخر
وحده لا يعبر عن واقع الحرية او يشبع رغبة الإحساس بها ، إنما طرح الحلول
وابراز البدائل هو قمة التلذذ بحلاوتها ، وسياسة البحث عن الثقوب فقط دون
اتباعها بالمساهمة والحث علي تصميم وتفصيل السواتر لا يرتقي بقيمة الحرية ،
والإكتفاء بالإشارة للمسئ دون تسليط الضوء علي المحسن لا يقيم ميزان القسط
..
إعتقادي ان للصحافة السودانية أرض شاسعة مليئة بالفرص
لغرس المبادرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تسهم اسهاماً عظيماً
في بناء الوطن ، وللصحافة في أيامنا هذه التي يكثر فيها بعض منسوبيها من
انتقاد الخطط الحكومية امكانية تنزيل خطط ورسم سياسات ووضع ميزانيات
بالتواصل مع الخبراء الوطنيين ، وإستدرار افكار المخضرمين والموهوبين وحثهم
لتصميم برامج يمكن ان تعرض بدائل قابلة للإجازة والتنفيذ .
صحيح أتوقع ان يتصدي لي أحد اساتذة الإعلام بمقولة ان هذه ليست مهمة
الصحافة التقليدية كما تعلمنا ودرسنا ، لكني احتفظ بحقي في الرد : دعونا
في زمان غُمرت فيه الصحافة التقليدية بالإعلام الجديد الذي لا تترائي له
حدود ولا تعرف له خطوط أن نبني للحرية الصحفية مراقي جديدة بالابتدار وطرح
البدائل إسهاماً في نهضة الوطن .. وجهة نظر بحب .. والي الملتقي ..
صحيفة السوداني
تعليقات
إرسال تعليق