كنت
- ولا زلت - أراهن علي أخي الدكتور فيصل حسن إبراهيم لأن يقود سفينة حزب
المؤتمر الوطني إلي بر الأمان برعاية الرئيس المشير عمر البشير، وبمن
اختارهم من عناصر تساعده في القيادة ينطبق عليها الوصف القديم (أصلب
العناصر لأصعب المواقف) من بعد فضل الله وتوفيقه. ولما نقل الأخ والابن
الحبيب المتفرد المتجرد الدكتور حبيب الله المحفوظ عن الدكتور فيصل أنه
أعاد عدد من طاقم الحراسة وبعض السيارات التي خصصت له، لم أر ذلك غريبا علي
منهج الدكتور فيصل الذي نعرفه، فهو رجل بسيط ومتواضع، ويعيش حياة العامة
من أهل السودان، وهو مثل قليلين غيره من السياسيين والحاكمين يقود سيارته
بنفسه في كثير من المشاوير الخاصة، ولا يتبعه حشم ولا خدم، ولا بد ان نذكر
اثنين من وزراء حكومة الإنقاذ الكبار تميزا بذلك، ويفعلانه بدون تكلف، وزير
رئاسة الجمهورية الدكتور فضل عبدالله فضل، ووزير الدفاع الفريق أول ركن
عوض بن عوف. ورحم الله الرئيس المشير جعفر محمد نميري الذي لم يكن يسمح
لحرس بمرافقته في مشاويره الخاصة، فكان عندما يكون هناك عزاء في ام درمان
يقود سيارته الخاصة وتجلس بجواره زوجته الحاجة بثينة خليل أطال الله عمرها،
فإذا وصل بيت العزاء ذهب هو إلي الصيوان، ودخلت الحاجة إلي بيت النساء،
فلما ينتهي يواجب أهل المتوفي ويقول لأحدهم (قول للحاجة يلا)
وبقدرما
اسعدني صنيع اخي فيصل هذا، لم يعجبن التصريح الذي سخر فيه من المعارضين،
الذين قال أنهم لن يسقطوا الحكومة، ولم يعجبن أكثر قوله بأن الأزمة
الإقتصادية الحالية بسبب الحصار الجائر الذي يتعرض له السودان. فبالنسبة
للحكم فمثلما لن تسقطه معارضة، لن تبقيه إجراءات أمنية، فالحكم بيد الله،
يؤتيه من يشاء وينزعه ممن يشاء. ثم أن لغة السخرية والاستهزاء هذه فضلا عن
أنها لا تشبه الدكتور فيصل، فهي أيضا لا تستقيم مع طبيعة المرحلة.
أما
الأزمة الإقتصادية الراهنة فلا علاقة لها بالحصار الإقتصادي، ومعلوم أن
الأوضاع الإقتصادية والمعيشية قد تفاقمت أزمتها بعد رفع الحظر الأمريكي
الأحادي علي السودان، حيث زاد سعر الدولار إلي أكثر من الضعف في وقت محدود
جدا، مسجلا بذلك أكبر حالة تدهور وانهيار للجنيه السوداني في تاريخه كله.
وهذا يعود في المقام الأول لفشل السياسات الاقتصادية التي أتبعت بعد رفع
الحصار الأمريكي. وخطورة أن يعزي الدكتور فيصل هذه الأوضاع إلي الحصار،
فذلك يعني أنهم تعوزهم رؤية الإصلاح وهذا يصيب الناس بالإحباط، ويشير إلي
احتمال الإبقاء علي من تبقي من الطاقم الاقتصادي الذي لا يري الناس خيارا
غير ذهابه. وقديما كان يقول صديقنا الراحل ابن عمنا العم أحمد عبدالحليم
لقادة الإنقاذ في عهدها الأول (يجب التفريق بين الابتلاء وسوء التدبير)
وكثير من أسباب الأزمة الإقتصادية الراهنة سوء تدبير وفشل سياسات، وفساد لا
أري أن الحرب عليه تسير بالخطي المطلوبة، فلا تزال المعركة التي أعلنها
الرئيس البشير ضد القطط السمان تسير علي استحياء. ولا تزال استجابة أثرياء
الإنقاذ لدعوة دعم خزينة الدولة ببعض ما فاض عليهم من مال في زمن التمكين
لم تجد استجابة، ولا يزال العشم في دكتور فيصل ومن قبله الرئيس البشير
كبيرا في إجراء المعالجات الناجعة، والجراحات الشافية، لمداواة أزمة الحكم
والسياسة والاقتصاد في بلادنا، وما التوفيق إلا من عند الله تعالي، عليه
توكلنا واليه انبنا، وإليه المصير.
تعليقات
إرسال تعليق