"سودان نيوز مونيتور" تعيد نشر حوار "الرأي العام" مع د. فيصل حسن إبراهيم



 حاوره: فتح الرحمن شبارقة
 كيف يقيّم د. فيصل حسن إبراهيم (62) عاماً الوضع الصحي للمؤتمر الوطني بعد اختياره نائباً لرئيس الحزب؟.. هل صحيح أن فيصل جيئ به فقط لأنه صارم لحسم تفلتات الوطني في الأطراف؟.. وماهي أولوياته في المرحلة المقبلة وأبرز التحديات التي تواجه الحزب الحاكم؟.. هل صحيح أن نائب رئيس المؤتمر الوطني الجديد للشؤون الحزبية (سيأتي بي ناسو) في قطاعات الحزب وأماناته، أم سيبدأ من حيث انتهى خلفه المهندس إبراهيم محمود؟!.
تلك التساؤلات الكاشفة لتوجهات رجل المؤتمر الوطني القوي، وأخرى بالطبع، ظلت تبحث بالحاح عن د. فيصل منذ أدائه القسم مساعداً لرئيس الجمهورية أمس الأول، وتمكنت من الجلوس إليه على انفراد في منزله بحي النزهة ظهيرة أمس لنحو ربع ساعة أجاب فيها على تساؤلات (الرأي العام) رغم زحمة أجندته، ومهنئيه بالموقع الجديد، فإلى مضابط الحوار الذي تحدث فيه بنبرة تصالحية وتطمينية وأجاب بثقة وتلقائية من توقع الأسئلة مسبقاً حتى على الأسئلة التي كانت على مشارف الاحراج:
*من أين سيبدأ د. فيصل.. وهل بالضرورة ستبدأ من حيث انتهى خلفك المهندس إبراهيم محمود، أم ربما ستكون هناك بداية جديدة؟*
- نحن من أمة تقول: (.. رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا)، ولذلك ينظر الناس أحياناً كلما تعاقبت القيادات وكأن التاريخ يبدأ من الشخصية التي تولت في لحظتها، ولكن نحن نقول غير ذلك، نقول نحن نكمل بعض، وهنالك كثير من الانجازات. فقضية السلام هي احدى القضايا التي بذل فيها الأخ الباشمهندس وطاقمه جهداً كبيراً جداً، وهذه قضية محورية تهم كل أهل السودان، ولعل الحوار أيضاً أولاها اهتماماً كبيراً، فاستكمال السلام وتعزيزه يظل واحداً من القضايا الأساسية المحورية، سواء أكان في جنوب كردفان أو في النيل الأزرق أو تعزيز السلام في دارفور بعد نزع السلاح، ولذلك تظل هذه هي القضية المحورية الأولى. والالتزام الصارم بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني وتهيئة البيئة لتكوين المؤسسات سواء أكان قانون الانتخابات أو المفوضية القومية للانتخابات حتى يطمئن الكل بأن الانتخابات التي تجري في 2020 ستجرى في ضوء النزاهة والشفافية، التي توافقنا عليها في الحوار الوطني وتظل هادية بالنسبة لنا في ذلك.. وأيضاً قانون الأحزاب يظل من الأشياء التي تحتاج منا لجهد، فنحن أنجزنا عملاً كبيراً في الحوار الوطني وبقي أن ننجز عملاً آخراً في النظام الحزبي حتى ندخل (2020) على ضوء قانون واضح للانتخابات، بجانب أن تهيئة البيئة عامة للانتخابات لكل القوى السياسية يجد منا الاهتمام في المرحلة المقبلة.
*بصراحة د. فيصل.. هل تفاجأت بتعيينك في قيادة الحزب؟*
- في العمل العام ما عادت المفاجأة تؤثر علينا، صحيح أنني كنت أسمع مثلما كان يسمع الآخرين كذلك بأن هنالك عدد من الأسماء المتداولة وإسمي كان واحداً من بينها، ونحن جنود لهذا الحزب ولم نتعود أن يخطرونا.
*كثيرون من عضوية المؤتمر الوطني تابعوا باهتمام شديد مجيئك لقيادة الحزب وتوقعت تغيراً في هياكله وسياساته؟*
- أنا أوكد أن المؤتمر الوطني هو حزب مؤسسات، وهي مؤسسات قوية، والحزب لديه عضوية واسعة ومنتشرة ولذلك فإن هياكله وسياساته الكلية لا تتأثر بتغيير الأشخاص، فنحن نكمل بعضنا البعض، وكل ما جاءت قيادة تمضي على ذات النهج، فالبرامج واضحة وكذلك الأسس والهياكل.
*مالذي يحتاجه الحزب في المرحلة المقبلة؟*
- ما نحتاجه في الفترة القادمة هو توحيد الصف بصورة أساسية وهو تفعيل العضوية والمضي بقوة نحو تعبئة جهودنا وجهود المجتمع نحو القضايا الأساسية، مثل قضية الحوار الوطني وانفاذ مخرجاته ونحو قضية الانتاج وزيادة الانتاجية، فالمخرج حقيقة في معالجة القضية الاقتصادية التي تقود للاستقرار الاقتصادي، وهذه الموازنة فيها كثير من البشريات حقيقة، ونحن نود أن نعضد جهد عضويتنا ونستنفرهم. ويذكر الناس أن آخر مؤتمر للحزب كان تحت شعار (نحو مجتمع منتج) فنريد أن نجعل من هذا الشعار واقع بإذن الله سبحانه وتعالى، وأمامنا فرص كبيرة للتوافق الوطني ولتفجير كل طاقات المجتمع والمضي بها مع كل شركائنا في حكومة الوفاق الوطني.
*ماهي أبرز التحديات التي تواجهك على الصعيد الحزبي برأيك؟*
- أنا كما قلت إن الحزب هو حزب مؤسسات ونحن نود أن نؤكد على المؤسسية، وهذا حزب كبير ومنتشر. صحيح تحدث تفلتات هنا وهناك لكن نود أن نؤكد بأن حزب المؤتمر الوطني توافق فيه الناس على قيم ومبادئ نحمد الله سبحانه وتعالى بأن الشعب فوضنا مراراً ولذلك ينبغي أن نعزز هذه الثقة بيننا وبين الشعب السوداني، وأن نعمل كحزب مؤسسي. فتعزيز المؤسسية في الحزب واحدة من الأشياء الأساسية وكذلك تفعيل العضوية وتماسكها، ونؤكد أن قيادة الحزب ستقف من مسافة واحدة من كل الناس، ولا توجد أية مساحة لجهوية أو قبلية أو شللية وأقول ذلك بصورة واضحة لكل الناس، ونحن أبناء اليوم وليس الأمس.
*هل صحيح أنه جيئ بك لأنك شخص حازم أو صارم كما يقولون لحسم التفلتات في الولايات؟*
- ظلت هذه الصفة يتحدث عنها الناس وبعضهم يعبر عنها بلغة أخرى ويقولون (فيصل يا أبيض يا أسود) صحيح هنالك قضايا أساسية لابد للانسان أن يكون فيها (يا أبيض يا أسود)، لكن السياسة التعامل معها غير، وأنا أعتقد أن الجدية ليست عيباً والصرامة في محلها ليست عيباً، ونؤكد إننا لا نضع السيف في موضع الندى ولا الندى في موضع السيف إن شاء الله. والعمل السياسي هو مثل الفتوى يقدر زماناً ومكاناً وحالاً في كثير من القضايا، ونحن نحتاج للجدية في انفاذ كثير من القضايا، فهنالك الكثير من السياسات الممتازة ولكنها لم تجد الجدية لانفاذها ولذلك لابد من الجدية لانفاذها.
*بحكم أنك كنت رئيساً سابقاً لقطاع الاتصال التنظيمي بالحزب، هل ترى أن المؤتمر الوطني محتاج لتفعيل لائحة المحاسبة والانضباط الداخلي؟*
- نحن بالضرورة ناخذ الناس معنا لبرامجنا، وتفعيل العضوية كما قلت واحدة من القضايا الرئيسية، وهذه ينبغي أن تحكم كل عملنا بصورة مجملة على ضوء الأسس واللوائح التي اتفقنا عليها في الحزب، وبعد ذلك من يتفلت فينبغي أن يجد المحاسبة. فمثلاً لاعب الكرة الذي يتجاوز اللوائح والقوانين الحكم يعطيه (كرت أصفر ثم بعد شوية يطرده من الميدان) ولا أحد يقول إن هذا الحكم كان صارماً أو جاداً لأن هذا واجبه، ونحن كذلك، فتماسك العضوية والحفاظ عليها مهم مادام الناس توافقوا وتراضوا على هذه المبادئي التي ينبغي أن تحترم، وتحترم المؤسسات التي نشأت على كافة المستويات وهذه مسألة سياسية ليست فيها مجاملة.
*التوقعات بشأنك متناقضة، فرغم الصرامة التي يتحدث عنها الكثيرون يتوقع البعض أن تعمل لاعادة المفصولين أمثال د. غازي وآخرين.. فهل هذا ممكن برأيك؟*
- أنا أوكد دائماً أننا حزب مؤسسات، لكن المبدأ العام هو أن الله سبحانه وتعالى، ولله المثل الأعلى، خلقنا وأنعم علينا نعم لا تحصى ولا تعد ونحن بعد ذلك نُعصي ونتوب ونرجع إليه ويفرح بتوبتنا. والذين تم فصلهم لأنهم تجاوزوا المؤسسية، لكن كل من ارتضى المؤسسية فمرحباً به، فنحن حزب سياسي وليست جماعة صفوية.
*كيف تقيّم الحزب الآن.. هل هو قوي أم ضعيف ربما أم ماذا؟*
- هذه الأوصاف أحياناً تكون غير موضوعية، فما تراه انت ضعيف قد أراه أنا قوياً..
*عفواً.. ماهو الموضوعي برأيك إذن؟*
- الحزب بمبادئه وهياكله وعضويته حزب قوي مافي شك، ومدى تفعيل هذه العضوية ومدى الالتزام بهذه الضوابط ومدى المبادأة والمبادرة في قضايا الجماهير والوطني الكلية، والآن خارطة الطريق أصبحت واضحة بعد الاتفاق على كل القضايا في الحوار الوطني، وانفاذها يحتاج إلى مبادرات وإلى سرعة في الانفاذ، ولذلك القياس، قوة وضعفاً، أحياناً تكون مقولات حق يراد بها باطل، وحتى عضويتنا تعبر عن ذلك أحياناً، وبعضهم أشبه بالذين يغمضون أعينهم ويمسكون بفيل.. (فمن يمسك الرجل يقول هذه شجرة ومن يمسك الأَذن يقول هذه درقة) فكل انسان ينظر حسب موقفه، ولكن أنا أدعو الناس ليكونوا موضوعيين، والحديث عن ضعف الحزب حقيقة فيه ظلم للحزب وتاريخه وقياداته المتعاقبة عليه.
*هل ستكون أولويتك في المرحلة المقبلة هي التركيز على الشراكات والتحالفات مع الأحزاب السياسية أم ربما ستركّز على ترتيب البيت الداخلي للحزب أولاً؟*
- هنالك عمل داخلي يخص الحزب في عضويته وترتيبه خاصة وأننا مقبلون على اعادة البناء. والمؤتمر العام التنشيطي السابق قدّم فترة اعادة البناء سنة، ونحن سنبدأ البناء إن شاء الله في أكتوبر لينتهي في أبريل 2019م بإذن الله سبحانه وتعالى، وهذا من أهم الأعمال، فإعادة البناء تعني ترميم كامل للحزب وتأكيد على المؤسسية واللوائح التي على ضوئها يتم بناء هذا الحزب، وهذه قضايا واضحة جداً ولذلك نحن نود للبناء أن يكون حقيقياً ومعافى جداً يتجاوز كل الجهويات والقبليات والصراعات وشخصنة القضايا، لأن الحزب بعده سينطلق لانتخابات 2020م.
*على ذكر الجهويات، هل صحيح أن د. فيصل سيأتي (بي ناسو) كما يقولون، خاصة وأن هناك تخوفات عبر عنها البعض من تغييرات ستطال قطاعات وأمانات الحزب في المرحلة المقبلة؟*
- أولاً التغيير سنة الحياة، وأنا جئت في اطار التغيير والذي سبقني أيضاً كان في اطار التغيير، والذي سبقه كذلك. فتغيير القيادات هو سنة الحياة، ومعلوم أنا ليس لدي شلة ولا جماعة، وأقف على مسافة واحدة من كل الناس، والمعيار هو تفعيل الحزب والكفاءة في المرحلة المقبلة إن شاء الله. ولذلك كثير من التخوفات هي في غير محلها، وكثير من الناس يتطلعون لكن مهما تولى الناس فإن القطاعات والأمانات تظل محدودة، لكن العمل السياسي الذي يقوم به الحزب هو عمل رحب جداً ويستطيع كل شخص أن يجد نفسه ليقدم للحزب وليس بالضرورة أن يكون الشخص على رأس أمانة أو قطاع أو كذا، ونحن سننظر في ذلك، والضابط فيه هو التشاور مع السيد رئيس الحزب في ترشيح الكفاءات، وأيضاً تعتمد من المكتب القيادي، وهذه المؤسسية ليست متروكة لشخص ليقرب بمزاجه من يقرب ويبعد من يبعد، وهذه من ضوابط المؤسسية التي تطمئن الناس، لكن بالضرورة سيكون هناك تغيير.
*البعض يرى أن الصراعات الداخلية انهكت الحزب واستهلكت طاقة قياداته على خلفية ذلك ما هي الرسالة التي تضعها في بريد عضوية الحزب؟*
- الرسالة الأساسية هو أننا حزب كبير، والشعب السوداني - ربنا يجزيه خير- وثق في قيادتنا.. وأنا دعوتي موجهة لكل عضويتنا في الحزب قيادات وقواعد بأن نوحد صفنا، لأن الله سبحانه وتعالى وصف المؤمنين وقال: (أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين) وهناك علاقة تبادلية قوية جداً بين الكنف الموطى والوحدة، وبين قوتنا الخارجية وهي قوة ليست موجهة ضد أحد وانما موجهة لمصلحة البلاد سواء أكان في الداخل أو الخارج. ولذلك أنا دعوتي لكل الناس بوحدة الصف والتزام المؤسسية وان شاء الله يجدونا معهم في كل موقع. وأؤكد مرة أخرى بأنني سأقف في مسافة واحدة من كل الناس، وبابنا مفتوح للشورى وللتفاكر والتحاور في ما يصلح البلاد والعباد بإذن الله تعالى.

تعليقات